( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد ) ( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد ) يجلسون الساعات والساعات في وضعية غريبة صامتين دون حراك .. ويجتهدون في إرخاء مرابط الأعصاب بكل أنحاء الجسم حتى تصل لنقطة ( منتهى الارتخاء ) .. كما تتعامل الرئتان لديهم في تبادل الأنفاس في غاية الهدوء والحذر حيث تسحب الهواء النقي بمعدل تنقيط دون إسراع ثم تطردها بنفس المعدل .. والأهم من كل ذلك أن يجتهدوا في طرد عوامل التفكير من الذهن حتى يغدو الذهن خالياَ من الوساوس والهواجس والأفكار .. فيوجهون الذهن لنقطة صغيرة تسمى ( نقطة التركيز الساطع ) ولا سواها .. تلك هي جزء من مراسيم فلسفة روحية بوذية قديمة خرجت منها فلسفة ( اليوغـا ) وهي فلسفة تجتهد في كيفية التحكم في مسارات طاقة الحياة بجسم الإنسان .. وهم يرون في تلك المراسيم الكثير من المعالجات الروحية والنفسية والصحية . وانتشرت تلك المراسيم حالياَ في الدول الغربية وأوروبا وأنحاء أخرى من العالم . .........أما هنا في بلاد المسلمين ونحن نؤمن بالعقيدة الإسلامية السامية فلا يقدس الصمت إلا إذا كان في حضرة الخالق الجليل .. حيث المقام هنا مقام الإجلال لرب هو في شأن عظيم .. ففي لحظات تعبدية أختارها الله لنفسه بمواقيت أو يختارها العبد عندما يريد .. يلتزم العبد بصمت الحواس في حضرة الله إلا ما أمر الله به من كلام أو حركة من قيام وركوع وسجود .. ثم الخشوع التام بوقفة عابد أمام معبود جليل عظيم .. يحس في أعماقه بضئالة نفس مخلوقة ضعيفة تقف في مذلة أمام خالق جبار .. وحيث لا قياس ولا معيار يقرب المعنى بين عظيم قادر مقتدر واجد هو الأول وهو الآخر .. وبين مخلوق ضعيف موجود من عدم .. والصمت هنا والوقفة في محراب العبادة تستلزم الانقياد لله بنية خالصة بغير إشراك أو رياء .. وليس المرام من الصمت والعبادة هنا فقط لتحقيق تلك الأهداف التي تسعى إليها الفلسفة البوذية بالاجتهاد لنيل المعنويات الدنيوية .. إنما هنا فالهدف أسمى من ذلك كثيراً .. حيث أقصى درجات الاجتهاد لنيل الرضا من الله والفوز بالتوفيق والنجاح في عبور مرحلة الابتلاء والامتحان في الدنيا .. والاستعداد للآخرة بإتباع الكتاب والسنة .. وبعدها الحياة الأزلية في نعيم الجنان والنظر في وجه الله الكريم . فتلك فلسفة صمتهم .. وتلك قدسية صمتنا . فتمعنوا يا أولي الألباب .